على وقع الجلسة العامة التشريعية اليوم، الّتي ستشهد ازدحاماً في الإقتراحات النيابية حول ملف الانتخابات البلدية، أشارت مصادر مجلسية مسؤولة لصحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "كل الاقتراحات الرامية إلى تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية، او تلك التي يشتمّ منها رائحة تأجيل، يمكن اعتبارها ساقطة سلفاً، وقد أعطى رئيس مجلس النواب نبيه بري التوجيه حيال هذا الأمر بأنّ تأجيل الانتخابات، وتحت أيّ عنوان او ذريعة أو أسباب تقنية أو غير تقنية؛ غير وارد على الإطلاق".

وأوضحت أنّ "التركيز خلال الجلسة سينصبّ بشكل أساسي على اقتراح القانون المتعلق بمجلس بلدية بيروت، الرامي إلى حل وسط يؤكّد المناصفة في المجلس بين المسلمين والمسيحيين"، مركّزةً على أنّ "لبيروت رمزيتها وخصوصيتها، وبالتالي من الضروري الحفاظ على التوازن في مجلسها البلدي، ومحاولة تحصين هذا التوازن بتعديلات محصورة بمجلس بلدية بيروت تحول دون الإخلال به، وخصوصاً أنّه مع إجراء الانتخابات وفق القانون النافذ حالياً، ومع الاختلافات القائمة تحت عناوين بلدية وغير بلدية، لا شيء يضمن أن تأتي النتائج على النحو الذي يوفر هذا التوازن ويحافظ عليه. وهذا الأمر من شأنه أن يدفع إلى تعقيدات، العاصمة وتركيبتها وعائلاتها في غنى عنها، وخصوصاً في هذه المرحلة".

تحفظات

غير أنّ مصادر أخرى رجحت عبر "الجمهورية"، "دخول الجلسة التشريعية في نقاش مطوّل ومستفيض حول موضوع المناصفة في مجلس بلدية بيروت، خصوصاً أنّ ثمة اتجاهات نيابية بدأت تعبّر عن تحفّظها حيال هذا التوجّه، وتتحدث عن عدم جواز تمييز بلدية بيروت عن سائر البلديات. وثمة من هؤلاء من يتحدث عن اقتراحات نيابية اخرى بأنّ تشمل المناصفة بلديات اخرى، ولاسيما في المدن الكبرى".

في هذا السياق، اعتبرت مصادر نيابية عبر "الجمهورية"، أنّ "تعدّد الاقتراحات أمر وارد وطبيعي، والحاكم بينها جميعها هو التصويت في الهيئة العامة، والأرجحية المسبقة والسائدة عشية الجلسة التشريعية، هي لإقرار قانون ضمان المناصفة في مجلس بلدية بيروت". الّا انّ المصادر عينها ذكرت "أنّها لا تستطيع الحكم مسبقاً وتحديد مسار الأمور، ولاسيما حول ما يتعلق بالطروحات الرامية إلى تعديل بعض النصوص المتعلقة ببلدية بيروت وصلاحيات البلدية وصلاحيات محافظ بيروت، فهذا أمر حساس، وسيفتح بالتأكيد على نقاشات إذا ما تمّ طرحه فعلًا".

جدل المناصفة والصلاحيات يهدّد جلسة تعديل قانون بلديات بيروت

على صعيد متّصل، أفادت صحيفة "الشّرق الأوسط" بأنّ "تعديل قانون البلديات للحفاظ على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت، يتصدر جدول أعمال الجلسة التشريعية للبرلمان اللبناني اليوم الخميس، في ظل تصاعد الخلاف حول القضية".

وبيّنت أنّ "الآراء تنقسم بين فريق يطالب بربط التعديل باستعادة الصلاحيات المنوطة بالمحافظ إلى المجلس البلدي مجتمعاً، وآخر يقترح حصر التعديل بالمناصفة، وهذا ما يشكل إحراجاً للنواب، ويضعهم أمام مشكلة يمكن أن تهدد المناصفة، ما لم يتلازم إقرارها مع استعادة الصلاحيات، في ضوء تهديد غالبية النواب من السنّة بالانسحاب من الجلسة احتجاجاً على "الانتقائية" في التعديل، بخلاف ما نصَّت عليه اقتراحات القوانين المقدَّمة من نواب عدة، وأبرزها الموقَّعة من النواب غسان حاصباني، فؤاد مخزومي، نديم الجميل، نقولا صحناوي؛ وفيصل الصايغ".

ولفتت الصّحيفة إلى أنّ "الخلاف حول تلازُم المناصفة مع استعادة الصلاحيات أو حصر التعديل بالمناصفة، لن يؤدي إلى حجب الأنظار عن الأجواء الساخنة التي ستطغى على الجلسة، مع أن الخلاف بين النواب حول "الانتقائية" في التعديل لا يتسم بطابع طائفي، لأن النواب الخمسة الموقعين على الاقتراح الرامي إلى تعديل قانون البلديات ينتمون إلى طوائف عدة، ويتوزعون على الأحزاب والتيارات الفاعلة في لبنان".

وتساءلت مصادر مقربة من رؤساء الحكومات السابقين عبر "الشرق الأوسط"، عن "الجدوى من حصر التعديل بالمناصفة". وشدّد أحد هؤلاء الرّؤساء على أنّه "إذا كان المطلوب توفير الحماية للمناصفة، فإن عدم تلازمها مع إعادة الصلاحيات لمجلسها البلدي من شأنه أن يهددها، ويقحم البلد في أزمة سياسية طائفية نحن في غنى عنها، لأنه لا مصلحة في الانتقائية إذا أردنا الحفاظ على العيش المشترك في العاصمة وعدم تعريضه إلى انتكاسة".

ملف السلاح

من جهة ثانية، أشارت صحيفة "الجمهورية" إلى أنّه "بات محسوماً ألا موعد محدداً حتى الآن لانطلاق المبادرة الرئاسية الحوارية مع "حزب الله" في شأن سلاحه". وأكّدت مصادر رفيعة لـ"الجمهورية" أنّ "هذا الموعد مرتبط تحديده بتوفّر الظروف الملائمة للشروع فيه، بعيداً من التسّرع والمبالغة في التقدير".

وربطاً بذلك، لاحظ مسؤول كبير عبر الصحيفة "تراجع التركيز السياسي والإعلامي على سلاح "حزب الله"، عمّا كان عليه خلال الايام والاسابيع الماضية"، وردّ ذلك إلى ما سمّاها "نصائح أُسديت من غير اتجاه، بإخراج ملف السلاح من حلبة السجال في هذه المرحلة".

وأوضح أنّ "ملف السلاح لم يخرج نهائياً من دائرة السجال الخلافي، وبالتالي ما زال يشكّل جمرة توتير سياسي وغير سياسي دائم في الداخل، وإن كان بوتيرة أخف حالياً"، مضيفًا: "لنكن واقعيين، لا إجماع داخلياً على سلاح "حزب الله"، ولكن سحبه أمر شديد الدقة والحساسية والتعقيد، ولذلك فإنّ مقاربته ينبغي أن تتمّ بكثير من التروي والحكمة".

وركّز المسؤول على أنّ "في رأيي وليس في معلوماتي، فإنّ تخفيف النبرة حياله اعتقد انّ مردّه إلى شعور المتحمسين لنزع سلاح "حزب الله" بأنّ الحملة السياسية العنيفة على السلاح جاءت نتائجها عكسية، بحيث انّ طريقة طرح ملف السلاح بالطريقة التي طُرح فيها، فاقمت من كون هذا الملف الخلافي عامل توتير داخلي كبير، وزادت من التصلّب في موقف الحزب حيال سلاحه؛ وتبدّى ذلك في الموقف العالي النبرة الذي أطلقه الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم وسائر قيادات الحزب".

ولفت إلى أنّ "ثمة سببا آخر في رأيي، مفاده شعور الجهات المسؤولة بأنّ التركيز على ملف السلاح بالشكل الذي جاءه بعض الأفرقاء في الداخل، مع ما رافق هذا التركيز من حملات وسجالات إعلامية على الحزب من قبل خصومه، وما استتبعه من ردود مضادة من قبل الحزب ومؤيديه، شكّل إحراجاً لرئيس الجمهورية، وتشويشاً على الجهد الذي يقوده لحصر السلاح بيد الدولة، عبر حوار ثنائي بينه وبين "حزب الله"؛ وليس على المنابر الإعلامية كما حصل في الفترة الاخيرة".

الحوار بين عون وحزب الله لم ينطلق بعد

في السّياق، وتعليقًا على الأخبار عن الحوار الثنائي بين رئيس الجمهورية جوزاف عون و"حزب الله" حول سلاح الأخير، ذكرت مصادر مطّلعة لصحيفة "الأخبار" أنّ "لا نقاش ولا حوار، بل أسئلة حول عناوين عامة يُمكن أن تصل إلى حوار في مرحلة لاحقة"، مشدّدةً على أن "الحزب يرفض رفضاً قاطعاً مقاربة سلاحه استناداً إلى أوهام البعض بأن المقاومة ماتت ودُفنت، وعلى أنّه لا يوجد شيء اسمه نزع سلاح أو تسليم سلاح، بل تنظيمه وفقَ استراتيجية تخدم أمن لبنان وسيادته، وهناك أمور مطلوبة يجب أن يحصل عليها لبنان قبل الحديث عن الحوار الذي يأتي لاحقاً، وتحديداً الانسحاب الإسرائيلي ووقف الاعتداءات اليومية وتحرير الأسرى وغير ذلك".

ورأت مصادر سياسية بارزة عبر "الأخبار" أنّ "انتزاع هذه الالتزامات من العدو شبه مستحيل"، مشيرة إلى أن "الجملة الوحيدة التي تكرّرها نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس في جلساتها مع المسؤولين اللبنانيين، هي ألا ينتظر أحد من الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل، مؤكّدة حق الأخيرة في توجيه ضربات متى رأت مصلحة في ذلك، ومتى وجدت حركة لعناصر "حزب الله" في أي مكان في لبنان".

مرونة في بعبدا وبكركي تجاه السلاح وانفتاح على الحوار

من جهتها، أفادت صحيفة "الديار" بأنّ "رغم الضجيج الداخلي من بعض القوى السياسية والمسيحية، وعلى رأسهم "القوات اللبنانية"، خصوصاً في ملف سلاح "حزب الله" والذهاب بعيداً الى حد المطالبة بنزعه بالقوة، وتحديد سقف زمني له، يقارب رئيس الجمهورية جوزاف عون الامر من "زاوية واقعية"، ويتعاطى ببراغماتية واعية مع هذا الملف الشائك، خصوصاً ان توقيت طرح السلاح يتزامن مع هجمة اميركية وصهيونية عليه".

وركّزت على أنّه "إذا كانت المارونية في شقها السياسي ومتمثلة برئاسة الجمهورية واقعية ومرنة، فإن بكركي وعلى لسان سيدها تبدو ايضاً مرنة وواقعية، حيث اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في اكثر من مناسبة وخصوصاً في 3 نيسان الحالي، امام مجلس نقابة المحررين برئاسة النقيب جوزف القصيفي، أنّ نزع سلاح حزب الله "ليس سهلاً"، مشدّداً على "ضرورة التوصل إلى حلول دبلوماسية لا عسكريّة".

وأوضحت الصّحيفة أنّ "هذه الاجواء هي محل نقاش داخلي في اروقة "حزب الله" والمعنية بملف العلاقات المسيحية، وعلى رأسهم مسؤول العلاقات المسيحية في "حزب الله" محمد الخنسا، الذي اتصل مهنئاً الراعي بالسلامة، بعد الحادثة المؤسفة التي تعرض لها خلال قداس الفصح".

وكشف مطلعون على هذه الاجواء لـ"الديار"، ان "حزب الله يتلقف بإيجابية تصريحات رئيس الجمهورية والبطريرك الراعي، ويقابل التحية بأحسن منها، والمرونة والواقعية بمرونة وايجابية اكثر"، مشيرين إلى أنّ "الحزب مع حصر السلاح بيد الدولة، وهو لا يمانع ذلك وخصوصاً السلاح المتفلت وبقاء سلاح الدولة الداخلي، الذي يحمي الامن الداخلي ويحفظ امن الناس ويمنع الفوضى. اما سلاح المقاومة والمخصص للدفاع عن لبنان وردع العدو، فهو مطروح للنقاش من ضمن استراتيجية دفاعية للحماية وصد العدوان، وهذه الاستراتيجية لا تعني نزع سلاح المقاومة لا بالتراضي ولا بالقوة. وهل يعقل ان يفرط المرء بنقاط القوة التي لديه مجاناً إرضاء للاميركي والاسرائيلي؟".

وعن العلاقة مع بكركي، لفت المطلعون إلى "لقاء قد يكون قريباً للجنة المشتركة بين "حزب الله" وبكركي، وقد تكون مناسبة الفصح والوضع الصحي للبطريرك الراعي من العوامل التي تُسرّع هذا اللقاء، الذي لم ينعقد منذ اكثر من 6 اشهر، مع بقاء التواصل الهاتفي وفي المناسبات الاجتماعية".

وعن زيارة وفد رفيع المستوى من "حزب الله" البطريرك الراعي مهنئاً بالسلامة في مستشفى "اوتيل ديو" ظهر امس، وصف الخنسا في اتصال مع "الديار" اللقاء بالايجابي والجيد، مبيّنًا "أنّنا دعونا الى معالجة هادئة للامور بعيداً من التشجنات الاعلامية بين الفئات الاعلامية، واحترام التوجهات السياسية لكل الجهات اللبنانية".